هل تعلم أن كثيراً من الشركات حول العالم أصبحت اليوم تدير موظفيها بشكل كاملٍ عن بعد؟!
مع التطوّر الهائل للتكنولوجيا اليوم ومع تحوّل العالم إلى قرية صغيرة، بات بإمكان أي مدير شركة أو صاحب عمل أن يدير شركته وموظفية باختلاف مواقعهم وبلدانهم و اختصاصاتهم وهو جالس في مكانه، وبالطبع لهذا الأمر إيجابيات عديدة أهمها: أنه بإمكانك الوصول إلى الموظف الماهر الذي ترغب في خدماته أياً يكن موقعه، دون أن يكون بعد المسافات أو عدم تواجده في نفس مدينتك عائقاً، و دون أن تكون مضطراً لتوظيف أشخاصٍ محددين لمجرد تواجدهم قريباً منك.
هل تعلم مثلاً أن ربع القوّة العاملة في الولايات المتحدة كانت تعمل بالفعل من المنزل خلال فترة الوباء، لذا فإنه من المهم أن تكون الشركات الناجحة مستعدة لكافة الظروف، وحتى إن لم يحدث طارئٌ ما، فإن قدرة الشركة على إدارة وتوظيف أفراد عن بعد، يعتبر نقطة قوّة رائعة لصالحها سواءً لما سيوفره لها ذلك من سهولة الوصول إلى المهارات و الخبرات التي تحتاجها، أو في حال حدوث ظرفٍ ما، يمنع الموظفين من التواجد في الموقع الفعلي للشركة.

ولكن في الوقت نفسه، تتطلب إدارة فريقٍ عن بُعد بنجاح نهجاً مختلفاً عن إدارة الأشخاص الموجودين في نفس مكان العمل الفعلي، معاً في مقالنا هذا سنتناول عدداً من أهم النصائح و الإرشادات والتي تلتزم بها أهم الشركات الناجحة في إدارة الفريق البعيد، وذلك لتحقيق النتائج المرجوّة والحفاظ على المشاركة والتعاون ورضا الموظفين.
خطوات فعالة لإدارة فريق عملك عن بعد:
1. وظف الأشخاص الذين يديرون أنفسهم:
قيادة فريق عن بعد تكون أصعب بكثير عندما يكون أحد أعضاء الفريق غير مناسب، قد يكون مثلا لا يتبع قيم الشركة، أو لا يمتلك أخلاقيات العمل الصحيحة، أو لا يتمتع بالمهارات التي يحتاجها الفريق.
أياً كان السبب، يمكن أن يؤثر ذلك سلباً على الفريق بأكمله، ولذا فإن التوظيف هو جانب مهم جداً من جوانب إدارة الفريق عن بُعد، فكيف يمكنك إذاً توظيف الأشخاص المناسبين، خاصة عندما لا يمكنك مقابلتهم شخصياً؟
ممارسات التوظيف التقليدية لا تعمل مع الفرق البعيدة، فعندما تقوم بتجنيد أشخاص من جميع أنحاء العالم من خلال خبرات عمل مختلفة، من المحتمل أنك لن تتعرف على مدارسهم أو شركاتهم السابقة، السيرة الذاتية التقليدية وخطاب التغطية لن يكونا مجديين في مثل هذه الحالات.
بدلاً من ذلك، يمكنك التركيز على السمات الأكثر أهمية، وعليك أن تقوم بتطوير طريقة للسماح لمرشحك بإظهار هذه السمات لديه، و التي من أهمها:
- الدافع الذاتي
- الإيجابية
- التمتع بروح الفريق
و الأهم من هذه السمات جميعها هو الشغف الحقيقي بالعمل، وهنا يأتي دورك ودور شركتك في ابتكار طريقة مميزة لقياس رغبة المرشح في العمل معكم سواءً من خلال المقابلات المرئية أو المحادثات أو حتى فترة تدريب فعلية تجريبية مع فريقك.
2. ثق بموظفيك:
الخطوة الأولى بعد اختيارك للموظفين هي أن تثق بفريقك، هذا هو أساس أي عمل ناجح من المنزل، لكن العديد من المديرين يجدون أنهم يعانون من عدم اليقين أو الثقة فيما إذا كان سيتم إنجاز العمل بنفس المعيار الذي يمكن رؤيته لو أن الموظف كان يعمل في المكتب.
هناك مديرون آخرون لديهم قلق بشأن سرقة أو إضاعة وقت العمل، إذا كنت ممن لديهم هذا القلق، فلا ننصحك أبداً بزيادة مستوى إشرافك على أعباء عمل موظفيك، فإن الإدارة التفصيلية لن تؤدي إلا إلى انخفاض مشاركة الموظفين وانخفاض الروح المعنوية، وعلى الرغم من أن هناك العديد من أدوات مراقبة الموظفين المتاحة لتتبع نشاط الموظف الخاص بك على مدار اليوم، إذا كنت تشعر بالحاجة إلى استخدام مثل هذه البرامج، فهذه علامة حمراء على احتمال وجود نقص في الثقة في العلاقة بين صاحب العمل والموظف.
بدلاً من ذلك، عُد خطوة للوراء وثق في موظفك عن بُعد لتقديم ما هو متوقع منه، مما يؤدي إلى النقطة التالية.
3. ضع توقعات:
يحتاج الموظفون الذين يعملون من المنزل إلى معرفة ما هو متوقع منهم، تماماً كما تفعل مع الموظفين العاملين في مكتبك، حدد توقعات واضحة مع الموظفين عن بُعد حول واجباتهم وأولوياتهم والمواعيد النهائية، طالما أنك واقعي وتركز على النتائج، فإن تحديد هذه التوقعات يضمن أن يعرف موظفوك ما يشكّل النجاح عند العمل من المنزل ويمكّنهم من تحقيق ذلك، في المقابل، يمكنك أن تطمئن إلى أن المهام التي تحتاجها ستتم في الوقت المحدد.
كجزء من هذه العملية، قم بإنشاء مكالمة هاتفية فردية أو مؤتمر فيديو مع كل موظف لمناقشة المهام والأولويات والاتفاق عليها، يوفر هذا أيضاً لموظفيك فرصة لطرح الأسئلة، اعتماداً على طبيعة عملهم، عادةً ما تحدث هذه المكالمة يومياً أو أسبوعياً، أي بشكل متكرر ويمكن اعتبارها بمثابة مداخلة.
4. تقليل الانقطاع:
يجب أيضاً استكمال مثل هذا الاجتماع الفردي المنتظم باجتماع فريق متكرر للمساعدة في تقليل أي شعور بالانفصال عن الموظفين الذين يعملون عن بُعد، بينما لا يمكن لفريق العمل عن بُعد حضور اجتماع الفريق هذا شخصياً، يمكنك استخدام أدوات مؤتمرات الفيديو لبناء شعور أقوى بالاتصال وروح الفريق والوحدة.
يعد البريد الإلكتروني أداةً رائعة لتوصيل رسالة في حالات معينة، مثل مشاركة المستندات ومقاطع الفيديو والصور على نطاق واسع، إلا أنه يمكن أن يشكل تحديات عندما يعمل الأشخاص عن بُعد في مشروع أكبر، على سبيل المثال، يمكن أن ينتهي بك الأمر مع سلسلة رسائل بريد إلكتروني لا تنتهي، وتتبع المحادثات الواحدة تلو الأخرى وفقدان الهدف المشترك، يمكن محاربة ذلك من خلال مؤتمر عبر الفيديو، حيث تقود محادثة في الوقت الفعلي بهدف واضح وموحد. من خلال منح الجميع فرصة للتحدث وتقديم التحديثات، فإنك تعزز محادثة شاملة تبقي الجميع على اتصال ومعرفة.
5. احتضان الاختلافات الثقافية ووجهات النظر:
يمنحنك الفريق المتعدد الثقافات رؤية أوسع للعالم ويمكّنك من حل المشكلات المختلفة معاً، لكن هذا لن يكون ممكناً إلا إذا كنت قادراً غلى خلق بيئة تُسمع فيها أصوات الجميع وتُحترم.
لإدارة فريق دولي حيث يكون للناس وجهات نظر ومواقف مختلفة تجاه العمل، فإنه يجب على الشركة بأكملها تبني هذه الاختلافات الثقافية وعدم محاولة جعل الأشخاص يتناسبون مع طريقة عملهم وتفكيرهم.
للتعرف على أوجه التشابه والاختلاف بين الموظفين، يمكنك خلق طرق مبتكرة، كأن يقوم مثلاً كل موظف جديد بتقديم عرض تقديمي قصير عن نفسه أثناء عمله الأول، ستلعب هذه العروض دوراً كبيراً في تعريف موظفي الشركة بثقافة الموظفين الآخرين وشخصياتهم واهتماماتهم.
6. كن مدركاً واعياً:
تسمح لك الاجتماعات الشخصية بقراءة لغة الجسد وتعبيرات وجه الحاضرين لقياس مزاجهم، مما يمكن أن يساعدك في تحديد أي تعارضات أو توترات أو مشكلات محتملة بين أعضاء الفريق ونزع فتيلها، يتم فقدان مثل هذا الاتصال المرئي في مكالمة هاتفية أو مؤتمر عبر الهاتف، لذلك، يُنصح بتحديد موعد مؤتمر بالفيديو لاجتماعات الفريق المنتظمة عندما يكون ذلك ممكناً.
ومع ذلك، يمكن أن تساعد مكالمات الفيديو في تخفيف المشكلة إلى حد ما، ولكن لا يزال من الصعب قراءة لغة جسد الأشخاص وتعبيرات الوجه عندما تضع في الاعتبار جوانب مثل جودة الكاميرا والزاوية، لذلك، انتبه جيداً لأصوات الأشخاص، وتحديداً أي تغييرات في النبرة أو درجة الصوت أو السرعة، والتي يمكن أن تساعدك في تحديد أي مشاكل محتملة في مهدها والتغلب عليها.
7. حافظ على اتساق القواعد:
تأكد من أن الموظفين عن بُعد يتبعون نفس القواعد التي يتبعها أولئك الذين يعملون في المكتب، بما في ذلك التعامل مع معلومات الشركة على أنها سرية والحفاظ على سلامة المعدات والبيانات.
يجب على جميع الموظفين، سواء كانوا يعملون في مكتب أو عن بعد، استخدام نفس أدوات الاتصال المتفق عليها، سواءً اخترت البريد الإلكتروني أو المكالمات الهاتفية أو المراسلة الفورية أو مؤتمرات الفيديو أو تطبيقات الهاتف المحمول للاتصال، أو أي مجموعة من الأدوات، تأكد من أن جميع الموظفين في فريقك قادرون على التعامل مع هذه الأدوات واستخدامها عند التواصل مع بعضهم البعض.
8. ضع حدوداً واضحة لساعات العمل:
شجع الموظفين على الالتزام بوقت الانتهاء المعتاد، قد يجد الموظفون الدؤوبون أنفسهم يعملون بانتظام في المساء، مما يطمس الحدود بين العمل والحياة المنزلية، تأكد من أن تطلب من موظفيك تسجيل الخروج والاسترخاء في نهاية كل يوم لتجنب الإرهاق.
9. تقديم نصائح لإدارة الوقت إذا لزم الأمر:
ليس كل شخص لديه مهارة طبيعية في إدارة الوقت بشكل فعال، قد تجد أنه بالنسبة لبعض موظفيك، تبدأ الخطوط الفاصلة بين حياتهم الشخصية وحياتهم المهنية في التلاشي عندما يعملون من المنزل، إذا كان هذا هو الحال، فقدم نصيحتك حول كيفية تنظيم يوم عملهم لتقليل التجاوزات والحفاظ على إنتاجيتهم، قد تساعدهم نصائحك هذه في إدارة الوقت.
10. استخدام التكنولوجيا لسد الفجوات الاجتماعية:
في بيئة المكتب، يتمتع أعضاء الفريق بفرص كبيرة لبناء علاقة مهنية وشخصية مع بعضهم البعض، يمكن أن تكوّن مثل هذه التفاعلات المرتجلة فريقاً معاً.
عندما يبدأ الناس العمل من المنزل، يجد الكثيرون أنهم يفتقدون هذه التبادلات وقد يبدأون في الشعور بالعزلة عن زملائهم، لذلك، استكشف طرقاً أخرى يمكنك من خلالها تزويد الموظفين بالتفاعل الاجتماعي الذي يحتاجون إليه، على سبيل المثال، قم بإعداد دردشة جماعية لمشاركة النجاحات وتبادل الأفكار والتفاعل بين بعضهم البعض.
11. دعم الموظفين عن بُعد:
الطريقة التي تعامل بها موظفيك هي الطريقة التي سيتعاملون بها مع عملائك.
“أعضاء الفريق السعداء = عملاء سعداء”.
عندما يشعر أعضاء الفريق بالرضا عن عملهم وبيئتهم البعيدة، ستكون النتائج أفضل.
في فريق كبير، من الصعب تتبع رفاهية الجميع والتأكد من الحفاظ على توازن جيد بين العمل والحياة.
لذا فإنه من المهم أن يكون لدى شركتك خطط ووسائل لتحقيق هذا الدعم، كأن يُطرح على الموظفين بشكل دوري أسئلة، مثل الإنجازات التي يفخرون بها، والمواضع التي يعانون منها، وما الذي يمكن تحسينه.
جزء مهم آخر من دعم العمال عن بعد هو إظهار التقدير دوماً والإشادة بالأعضاء اللذين قدموا المساعدة أو كانو مميزين في عملهم بشكل ما، ومشاركتها بين جميع أعضاء الفريق، حيث يمكن لأي شخص أن يثني على أي شخص، ومما سيلعب دوراً مهماً في تحفيز الآخرين.
و هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا، نتمنى أن تفيدك تلك النصائح و الإرشادات التي قمنا بجمعها من خبرات الشركات الناجحة في إدارة الموظفين عن بعد، وربما تلهمك بأفكار وأساليبٍ جديدة تعمل لصالحك وصالح شركتك في تحقيق أفضل النجاحات وتحقيق أفضل تواصل فعّال بينك وبين فريق عماك.